رسول السماء

بقلم /أحمدالبحيرى _

 “اطلب واتمنى..افرح واتهنى”هكذا دوماً يناديك.. مازالو يراودو أحلام كثيراً من أهالى بلدتى المتواضعة..يبدو الأمر كما لو أن أحدهم قد نزل خصيصاً من السماء وحل ضيفاً على كوكبنا لبضع أسابيع إن لم تكون أيام .. يستجديك أن تكشف له عن إبتسامتك الخاطفة..وضحكاتك العالية..ووجهك المشرق..وأن تقول له “وانا قد قبلت بك” وقد سمعت أنه قد شبّ نزاعُ قديم بين هؤلاء وبين “بابا نويل” ؛والذى قد عقد عزمه وحلف”100يمين” أن يترك هذه البلدة رافعاً راية الإستسلام ومفسحاً الطريق لهذا النزيل الموسمى,والذى قد أتى محملاً بالهدايا وبطاقات تحقيق الأحلام وكشوف تحوى أصناف السعادة . هؤلاء الرسل المبشرين بالسعادة ينشطون فى مواسم حج الأهالى إلى صناديق الانتخابات .. ومنذ هذه اللحظة التى يتم فيها الاعلان عن قوائم المرشحين؛يهرع الجميع لطرق أبواب سعداء الحظ ومنحهم بطاقات للسفر على قطار السعادة . يتميزون بوسامة أبناء هوليود وحكمة ورزانة “خبير استراتيجى ” ونشاط “مطرب حمبولى” .. يدوم هذا الحال أيام قليلة ,قبل أن يعلن أنه قد تاب وأناب الى الله وندم على مافعل؛ساحباًبطاقات الاحلام المهداة إلى ناخبيه متنكراً لهم ومحطماً لكل أمالهم..وعندما تحدثه حينها بوجوب مساندة الأهالى وعرض مشاكلهم على مجتمع “الكبار”؛تجده يطلق أصواتاً مزعجة ومتبوعة بإضرابات فى حنجرته تدل على امتعاضه يسمعها القاصى والدانى وهو يتمتم “انا محدش يقدر يكلمنى ” . المبهج فى الأمر أنى كمواطن ينتمى إلى كنف دائرته الكريمة أجد أنه لا بأس أن تتم دعوتى لمؤتمر جماهيرى هنا أو هناك ..لهذا أو ذاك ..طالما أنى سأفوز فى نهاية المطاف بشئ من حمولة “بابل نويل الانتخابات”,ولا حرج بعدها أن أمزق صورته ذات الطلة البريئة أو أن اعلقها لتستر تشققات حائط الغرفة,أو أن أحمل لافتته إلى بيتى تقينى غضب الشمس وامتعاضها هى الاخرى مما يحدث . ومن الوهلة الأولى ,يستيقظ أحدهم وهو يظن أنه فارس مغوار,قد أتى لمملكته ينشر فيها الرخاء ويرفع عنها البلاء …وفى بعض الاحيان أعتقد انى سأجد أحدهم يعدل لى من وضع مخدتى أثناء نومى ساهراً على راحتى وهو يتمتم “انت فى العين والننى ” وحينها سأحن إلى أحضان امى التى فارقتنى إلى مرشح آخر يقال أنه يعلى من شأن ناخبيه ويمنحهم سبل الأمل وعقود العمل وجهاز البنات ودفتر الشيكات .. ولكن الأثنان اتفقو على أنهم رسلٌ من السماء..ُمنزّلين لراحتى وهنائى,قد آلمهم فقرى وضعفى,ولا يزالون يذرفون الدموع,ويطلقون الآهات ؛حتى يتمكنو من مداواة أمرى وإشراكى فى موكب السعداء .. ويالكرامتهم ! الاثنان لا يريدان فى المقابل سوى أن أكشف عن ثغرى وأطلق ضحكتى المدوية متناولاً قلمى مزيناً به اسمائهم فى بطاقتى الانتخابية .. وحين سيأتى ذلك اليوم ,ستجد الجمع يشمر عن ساعديه,متجهين صوب قلعة الأمنيات “لجنة الانتخابات” وأعتقد حينها سنجد أمى من فرط اخلاصها لمرشحها ستتطوع هى وأخريات ويرسمن قلوباً تزين اسمه فى بطاقتهن الانتخابية مطلقين “زغرودة” أمام سيارة هذا المحظوظ . حينها ستجد أن العمر لن يطول به سوى بضع ساعات أخرى قبل أن يصاب بالشلل بعد أن تقص عليه أمى جميل صنعها هى ورفيقاتها .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان