الدكتور مفيد شهاب يروي تفاصيل المعركة القانونية لاستعادة طابا في ندوة بمكتبة الإسكندرية

ليلى خليل

نظمت مكتبة الإسكندرية صباح اليوم بالتعاون مع جامعة الإسكندرية ضمن البرنامج الثقافي لكلية الحقوق ندوة بعنوان “حرب أكتوبر: الدروس المستفادة”، تحدث فيها الأستاذ الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي الأسبق، وأدراها الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية.

أعرب الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية عن سعادته بالشراكة مع جامعة الإسكندرية للاحتفال بمرور 50 عامًا على نصر أكتوبر، وبحضور الدكتور مفيد شهاب الذي قدم الكثير للوطن، ليس فقط كخبير قانوني بل كسياسي بارع ووزير متميز رأينا نهضة التعليم العالي على يديه.

وأكد أن شهاب له حضور عميق في المجال العام والمجال الثقافي، وهو نموذج للمثقف العميق الذي يتفاعل مع قضايا وطنه، لافتًا إلى أنه عضوًا في مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية.

وقال زايد إننا نفخر بالنصر ونستخلص منه دروسًا هامة بينما نبني أمة ونهضة جديدة، ومنها دروس تتعلق بأهمية الكرامة وبناء حياة كريمة والتضامن والتماسك والتعاون في المجتمع. وشدد زايد على أن الدرس الأهم لنصر أكتوبر هو درس السلام،

مؤكدًا أن مصر بدأت عملية السلام وخاضتها بجرأة وثقة وقراءة دقيقة للواقع والمستقبل. ورحب الدكتور أحمد زايد بالتعاون مع جامعة الإسكندرية في توثيق شهادات وسرديات حرب أكتوبر، حتى تبقى للأجيال القادمة.
وشدد الدكتور عبد العزيز قنصوة رئيس جامعة الإسكندرية على أهمية استرجاع واستلهام ذكرى حرب أكتوبر التي غيرت شكل الدولة المصرية والمنطقة.

ولفت إلى أن الجامعة تحتفل بانتصارات أكتوبر هذا العام على مدار أسبوع بين ندوات واحتفالات موجهة للأجيال الجديدة ليتعرفوا على حرب استرجاع السيادة والكرامة، وكيف أثرت في الدولة المصرية والعالم العربي والعالم أجمع.
وقال الدكتور محمد الفقي عميد كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية إن الكلية تفتتح موسمها الثقافي تزامنًا مع احتفالات مصر والأمة بعيد النصر،

وتقدم ندوة عن الملحمة الدبلوماسية والقانونية لاستعادة طابا، يتحدث فيها الدكتور مفيد شهاب أحد أبطال المعركة القانونية التي أدارتها مصر لاسترجاع كامل الأرض.
وفي كلمته، وجه الدكتور مفيد شهاب الشكر لمكتبة الإسكندرية وجامعة الإسكندرية وكلية الحقوق على استضافته في هذه الندوة.

وأضاف: “شرفت برئاسة مجلس إدارة مكتبة الإسكندرية في مرحلة البناء والتأسيس، وأسعد دومًا عندما أرى هذا الصرح المتميز”. كما أعرب عن سعادته بفكرة الموسم الثقافي لكلية الحقوق،

مؤكدًا على دور الجامعة في التثقيف وتأسيس الوعي وخدمة قضايا المجتمع.
وعن موضوع الندوة، قال إنه لا يوجد أعز من الاحتفال بذكرى الانتصار وتحرير الأرض واسترجاع الكرامة،

فمن حقنا أن نحتفل بانتصاراتنا وأن نتحدث عنها، ولكن لابد أن نستخلص الدروس المستفادة من الحرب لمعالجة أزمات قومية أخرى.
وأكد أن الإعداد لحرب أكتوبر بدأ بعد شهر من هزيمة 1967، فكانت حرب الاستنزاف فرصة للاستعداد والتخطيط وإعادة بناء القوات المسلحة، مؤكدًا أن حرب أكتوبر كانت مفاجئة للعدو، تمت بتخطيط جيد وأسلوب علمي محترم وتنفيذ محكم وجيش مثقف وواع.

 

وقال: “لقد عشت حرب أكتوبر عن بعد كمواطن، تابعت كيف تمت الأمور العسكرية في منزلي وكيف عبر الجنود الممر المائي واخترقوا جدار برليف،

وبعد الحرب كانت بداية تحديد الأرض”، لافتًا إلى أن الحرب لا تنهي النزاع بل تحركه، ولكن المفاوضات هي التي تنهي النزاع، وهناك فرقًا كبيرًا بين أن تتفاوض وأنت منتصر وبين أن تكون منهزمًا.

ولفت شهاب إلى أنه بعد نصر أكتوبر طالب الإسرائيليون بالتفاوض لإنهاء النزاع، ومن هنا بدأت المعركة للسياسية للتفاوض والتي استمرت سنوات وانتهت باتفاق كامب ديفيد،

لافتًا إلى أنه إعلان مبادئ مصغر تم توقيعه لينهي حالة الحرب بين مصر وإسرائيل. وأشار إلى أنه تحول بعد سنة إلى اتفاقية السلام، وهي اتفاقية مفصلة تحدد عملية الانسحاب ومراحلها، وهي التي تحكم العلاقة بين مصر وإسرائيل حتى اليوم.

وأوضح أن إسرائيل ماطلت في تنفيذ المرحلة الثالثة من الانسحاب، وحاولت أثناء الانسحاب الاحتفاظ ببعض المواقع الاستراتيجية الهامة؛ وهي طابا ورأس النقب، ومن هنا بدأت المعركة القانونية التي انتهت بالتحكيم الدولي.

ولفت إلى أن الخلاف وقع عند أربعة علامات حدودية في رأس النقب، والعلامة الحدودية الأخيرة (رقم 91) الخاصة بطابا.
وأضاف: “بدأت المفاوضات بقيادة الفريق كمال حسن علي في مواجهة شارون، وكانت معركة تفاوضية شديدة استمرت أربع سنوات دون جدوى”.

وأشار إلى أن رئيس الجمهورية أصدر بعدها قرارًا بتشكيل اللجنة القومية لطابا، وكان شهاب عضوًا فيها، وضمت عددًا من الضباط وأساتذة القانون والتاريخ، كما انبثق عنها لجنة قانونية برئاسة الدكتور وحيد رأفت.

وقال إن الألاعيب التي استخدمها الإسرائيليون في التفاوض أدت إلى الرجوع إلى اتفاقية السلام، والتي نصت على اللجوء للتوفيق أو التحكيم في حالة وجود خلاف.

وقد أصر الجانب الإسرائيلي على التوفيق بينما أصرت مصر على التحكيم، وذلك لأن قرارات التحكيم ملزمة للطرفين.
وأكد أن إسرائيل رضخت في النهاية اللجوء للتحكيم، وبدأت مفاوضات اختيار المحكمين، ثم مرحلة كتابة المذكرات والمذكرات المضادة والمرافعات الشفوية، والتي جاءت كلها في صالح مصر.

وروى شهاب عددًا من القصص والأحداث التي ساهمت في تدعيم موقف مصر في مرحلة المرافعات الشفوية وشهادات الشهود، ومنها شهادة الفريق كمال حسن علي،

وشهادة إسماعيل شيرين باشا الذي كان مسئولًا عن موقع طابا وقدم العديد من الشهادات والصور لطابا، وشهادة جندي يوغوسلافي كان ضمن جنود الأمم المتحدة في سيناء وقام بتسليم طابا لجندي مصري قبل مغادرته.

ولفت إلى مساهمات الدكتور يوسف أبو الحجاج والدكتور يونان لبيب رزق والعقيد الشناوي في هذه المرحلة. وقال: “هناك نماذج وقصص لا يمكن أن تُنسى، فقد كنا كلنا على قلب رجل واحد”.
وأضاف أن المحكمة قامت بمعاينة الموقع على الطبيعة، وقررت رفع جلساتها للمداولة للحكم بعد ثلاثة أسابيع، إلى أن أعلنت في 29 سبتمبر 1988 أن طابا مصرية.

وشدد الدكتور مفيد شهاب في ختام كلمته على أهمية الاحتفال بنصر أكتوبر، ولكننا يحب أن نتعلم من الدروس المستفادة من النصر، مؤكدًا على أهمية أن نتحلى بروح أكتوبر في مواجهة أي أزمات تمر بها البلاد.

وقال إن من أهم دروس عودة طابا، أن العالم لا يعترف إلا بالأقوياء، ولولا أننا انتصرنا في أكتوبر، ما جلست إسرائيل معنا لتوقع اتفاقية سلام، وما اضطرت للذهاب إلى التحكيم الدولي الذى انتصر للحق المصري ،

مشيرًا الى أنه في الأزمات الكبرى التي قد نتعرض لها ، لابد أن نتخلى عن العواطف و”الفهلوة”، بل لابد من التعامل العلمي، والتخطيط ، والأهم العمل بروح الفريق، وبروح أكتوبر.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان