باحثة مصرية تؤكد: الأحزاب الدينية الإسرائيلية تستعين بتجربة الإخوان المسلمين للسيطرة علي الكنيست

محمد عبد السلام

 أبو عميرة: الأحزاب اليهودية تبتز الحكومة الإسرائيلية باسم التوراة.. وفتاوي الحاخامات تقتل الشعب الفلسطيني بإسم التوراة.  

“الأحزاب الدينية تمارس ضغوطاً علي الحكومة الإسرائيلية.. حتي أنهم يقفون عقبة إمام إحلال عملية السلام”.. بتلك العبارة التي أطلقها أستاذ التاريخ وعضو الكنيست السابق، ميخائيل بار زوهار، بدأت الباحثة في الشئون الإسرائيلية شيماء أبو عميرة دراستها البحثية عن الأحزاب والحركات الدينية المتشددة، مبينة أن الأحزاب الدينية الإسرائيلية في علاقتها بالدولة تستعين بنفس تجربة جماعة الإخوان المسلمين في الدول المجاورة لها للسيطرة علي الكنيسيت وأغلب المؤسسات السياسية في “تل ابيب” من خلال عمليات التمكين.

الدراسة التي عدتها الباحثة شيماء أبو عميرة بمركز أطلس للدراسات الإسرائيلية والتي جاءت تحت عنوان “الأحزاب الدينية الحريدية” والإبتزاز السياسي.. “شاس” نموذجاً”، أكدت علي أن الأحزاب اليهودية وعلي الأخص الحريدية منها تقوم بشكل دائم بإبتزاز الحكومة الإسرائيلية باسم التوراة، وأن الكثير من الجرائم التي يرتكبها جيش الإحتلال في حق الشعب الفلسطيني تاتي دائما من الفتواي التي تفرضها تلك الأحزاب من خلال حاخاماتها علي المؤسسة السياسية، مبينة الحكومة الإسرائيلية لن تسعي إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وأن السبب في ذلك يعود إلي الضغوط الحريدية التي تمارسها الأحزاب الدينية.

واوضحت أبو عميرة أن البعض في مصر والعالم العربي وربما العالم أجمع كان يعتقد أن التنظيمات الإرهابية الإسلامية فقط هي التي ترتكب جرائمها بإسم الدين، لذلك دائما ما نردد أن “الإرهاب لا دين له”، وأن التنظيمات اليهودية ليس لها علاقة بالعمليات الإرهابية، مشيرة الي أنه طيلة سبعون عام مضت أرتكبت الكثير من الجرائم بإسم الدين اليهودي، وأنه خير مثال علي ذلك حادث إغتيال رئيس الحكومة الأسبق “إسحاق رابين” عام 1995، فقد لجأ قاتله “يغئال عامير” إلي أفكار دينية تعكس مدي إيمانه بحلم “الأرض التوراتية”، في مواجهة أفكار “رابين” العلمانية.

دراسة “الأحزاب الدينية الحريدية” والإبتزاز السياسي.. “شاس” نموذجاً” جاءت في ثلاثة فصول، الأول حمل اسم “إسرائيل.. كيان من رحم التوراة” قدمت فيه شرحاً وافياً بالادلة التوراتية علي دينية المجتمع الإسرائيلي وكيف أنه كيان صُنع من رحم التوراة، في حين ناقش الفصل الثاني الذي جاء تحت اسم “التأصيل الديني لنشأة الحركات والأحزاب الدينية” تاريخ نشأة تلك القوى الدينية ودورها في الحياة السياسية في إسرائيل من خلال التمثيل والمشاركة في مؤسسات الدولة، في مخالفة صريحة لمبادئها الحريدية، ومدي إنتهازية تلك الأحزاب للإئتلافات والحكومات المتعاقبة لجني منفعة واستفادة سياسية.

“الإبتزاز السياسي.. “شاس” نموذجاً”.. كان العنوان الثالث لأخر فصول الدراسة، وقد أكدت الباحثة شيماء أبو عميرة إنها إختارت حركة “شاس” كتطبيق عملي علي تأثير الأحزاب الدينية، الحريدية تحديداً، في ممارسة حالة الإبتزاز السياسي ضد الحكومات الإسرائيلية منذ ميلادة عام 1984، مبينة أن “شاس” إستغل عبقريتة في استخدام عناصر التعبئة والتحريض، سواء الدينية أو الإجتماعية، لتحقيق مكاسب فئوية له وللمقربين منه، وانه علي الرغم من قصر عمرة السياسي إلا إنه تمكن في فترة قصيرة جداً من فرض نفسه علي المعادلة السياسية في إسرائيل.

الغريبة أن الأحزاب الدينية الحريدية الأكثر تشدداً وعلي رأسها حزب “شاس” مارست نفس السلوك الذي مارستة جماعة الإخوان المسلمين، فقد أشارت ابو عميرة في بحثها أن “شاس” قام بفرض سياسة الإبتزاز ضد الحكومات المتعاقبة لجني منفعة انتهازية، وأنه قام بالتخلي عن الافكار الحريدية، والإعتراف بالدولة وبمؤسساتها في مقابل حفنة من الأموال، أو في مقابل حقيبة وزارية لها علاقة بتقديم الدعم للمجتمع الحريدي، موضحة أن أهمية البحث الذي قدمتة تاتي كمحاولة لإستشراف آفاق المستقبل للدور الذي يمكن أن تقوم به تلك التيارات الدينية في النظام السياسي الإسرائيلي.

وقد أظهر البحث الدور القوي للأحزاب الدينية منذ عام 1912 مع ميلاد حركة “أجودات يسرائيل”، أي قُبيل قيام دولة إسرائيل بأكثر من ثلاثة عقود، فكان لها دور فاعل وكبير في تحديد ملامح العلاقة القائمة ما بين الدين والدولة، فقامت بتسخير إرثها العقائدي والتوراتي في بناء دولة إسرائيل على أسس دينية، كما أنها بنفس الأفكار العقائدية استطاعت أن تحافظ بشكل كبير علي الكيان بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، حتي وإن كانت قد إضطرت للإستغناء عن المنهج والأفكار الحريدية المتشددة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان