الحل السياسي الناجز والفعال هو الأقرب لازمة سد النهضة

رامى زهدى :

عظيمة هى وقوية وراسخة فى جذور التاريخ تلك العلاقات والروابط بين مصر وأثيوبيا، إنها روابط أكبر بكثير من أى نقاط إختلاف. إنها ليست تلك الروابط التى دعمها ذلك النهر الخالد فقط ، إنها روابط حضارية وجغرافية وأخرى تضرب جذورها فى عمق نشأة الإنسانية الأولى. إنها وحدة الزمان والمكان ، والعقيدة والتوحيد وإن إختلف أو اتفق الدين.

التنمية حلم وأمل الشعب الأثيوبي وهو شئ تستطيع إدراكه منذ اللحظة الأولى التى تزور فيها أثيوبيا، فى تجربتى الشخصية قمت بزيارة أثيوبيا اكثر من مرة، وتعاملت عن قرب مع الشعب الأثيوبي، شعب نشيط جدا، وطنى محب لأرضه وأهله ويملك قدر كبير جدا من الكرامة والعزة لاتملكه شعوب أخرى كثيرة،

لقد عاصرت إنقطاعا للكهرباء مرات عدة فى اليوم الواحد وذلك فى أغلى فنادق العاصمة أديس أبابا وفى أرقى شوارعها،عاصرت مستثمرين أجانب كانوا يحملون كثيرا من الخير لأثيوبيا إلا أنهم سرعان ما تراجعوا عن إستكمال مشروعاتهم نتيجة مشاكل الطاقة والطرق ونقص الإمداد والتموين بالإضافة إلى مشاكل معقدة ذات علاقة بجغرافيا الهضبة الأثيوبية و ديمجرافية السكان وإنتشار قدر من الفقر والمرض بالإضافة إلى نسب أمية أكبر من المعدلات المقبولة، إن مشاكل عديدة من هذه الأزمات قد يساهم سد النهضة فى حلها او على الأقل تطوير وتحسين الوضع الحالى، كما أن التقارب الأثيوبي مع بعض الدول فى الشرق الأوسط قد يساهم جدا فى حلول لبعض هذه الأزمات خاصة فيما يتعلق بجانب التمويل او الخبرات الفنية حتى وإن كان هدف بعض هذه الدول ليس مساعدة أثيوبيا بشكل مباشر ولكن الإضرار بالمصالح المصرية بشكل مباشر وغير مباشر وعلى مدى زمنى قريب وأخر مرحلى مستقبلى ولأهداف ومساعى شتى.

إن مصر والشعب المصرى يتمنى كل الخير لكل أبناء القارة بل لكل العالم، كما أن قدرا كبيرا من إحترام وتفهم الموقف الأثيوبي تبديه مصر فى مناسبات عدة وعلى مستويات مختلفة سواء رئاسية ، حكومية وأيضا شعبية وحزبية، لكن لن يكون ذلك أبدا على حساب الحياة فى مصر، إن مصر تعى جيدا معظم التحركات من الأطراف الخارجية من أجل الإضرار بمصر فى قضية المياه وإستخدام أثيوبيا سلاح غير مباشر لكن كل هذه التحركات لاتخيف المصريين ولا توقفهم عن إنقاذ شريان الحياة النابض فى الجسد المصرى،

إن أحلام الأصدقاء فى التنمية ولو على حساب ضرر الأخر وخيال غير الاصدقاء فى الإضرار بمصر هى مجرد أحلام وخيالات قد تكون مشروعة من وجهة النظر الأخرى ولكنها غير واقعية ومستحيلة المنال من وجهة النظر المصرية خاصة مع عقيدة مصر الراسخة فى تمنى الخير ومساعدة الأخر ولكن دون الإضرار بالحياة فى مصر التى بدأت ومستمرة قبل التاريخ والتأريخ بعلاقة شديدة الترابط بين نهر النيل والمصريين.

عندما يعلن الرئيس أن أحدا لن يستطيع أن يمس حصة مصر فى مياه النيل ، فإن هذا ليس قولا عاديا يمر مرورا عاديا على أسماع الشعب ومؤسسات الدولة ولا حتى قولا عاديا بالنسبة للأصدقاء وغير الأصدقاء فى العالم، إنه تعهد علنيا أمام العالم وأمام الشعب، إنه تعهد موثق مبنى عن إدراك علمى ومعلوماتى ويدعمه دعائم قوية وركائز وإمكانات يعلم ذلك البعض جيدا بينما لايجوز لنا فى هذا المقام الخوض فى شرح وتحليل اكثر تفصيلا لإعتبارات عديدة.

أرى أن الحل السياسي الناجز والفعال هو الأقرب للحدوث وذلك قريبا جدا،

إن مصر تمتلك من جوانب الضغط السياسي وغير السياسى ما تستطيع به الحفاظ على مصالحها دون الإضرار بالأخر ، بل حتى أن مصر تستطيع حماية الأخريين من أنفسهم ومن الإنجراف فى طريق لن يصل بهم فى النهاية إلا الى نقطة من نقاط اللا عودة.

الأن أكثر من ذى قبل تستطيع مصر إستخدام أدوات وآليات عدة من أجل تنفيذ ما به صالح الجميع ، حتى أن مصر تستطيع الوصول لأفضل مساندة ودعم من دولة شمال السودان ودول أخرى من دول حوض النيل ودول أخرى ذات تأثير دولى وإقليمى افضل من الوضع الحالى كثيرا.

إن مصر عندما إستطاعت حسم أمر المصالحة الفلسطينية وكذلك وثيقة القاهرة لإحلال السلم فى جنوب السودان، كانت تستخدم أدوات جديدة من الثقل السياسي والجغرافى وغيرها من عوامل القوة والتأثير ولغة أخرى من لغات التفاوض مع الأخر ، تلك الأدوات التى تمكن لمصر الأن والأن فقط النجاح فيما فشل فيه غيرها وفيما كان يبدو طوال الوقت درب من المستحيل.

أخيرا، أثق فى بلدى وفى قيادتها وفى إخلاص أبنائها، واتمنى لغيرى كل الخير والنماء، وأرى أن الغد يحمل الكثير من الخير من عند الله، ولن يستطيع أحد أن يوقف نهر حياة خلقه الله وأهداه لمصر التى حافظت وسوف تحافظ عليه دائما وأبدا، فمصر هبة النيل والنيل شريانها المتدفق.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان