«الإدارية»: «الإحالة للمعاش» عقوبة إضراب الموظفين عن العمل

اللواء الأخبارية 

أصدرت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، اليوم الثلاثاء، حُكما بإحالة 3 مسؤولين بالوحدة المحلية بقرية “قورص” مركز أشمون للمعاش، وتأجيل ترقية 14 آخرين لمدة عامين من تاريخ إستحقاقها بعد ثبوت صحة تحقيقات النيابة الإدارية بشأن إضرابهم عن العمل وتعطيل سير المرفق عن أداء مصالح المواطنين.

صدر الحكم برئاسة المستشار لبيب حليم، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين أحمد زكى وحسين قايد وعبدالفتاح الكاشف والدكتور رضا عثمان نواب، رئيس المجلس، وحضور المستشار على حسام الدين، مفوض الدولة، وأمانة سر سيد سيف.

وقالت المحكمة فى أسباب حكمها إن الإضراب سواء كان من الحقوق أو الحريات فأنه يتعين الإلتزام بحدود هذا الحق وعدم الإنحراف عن الغاية منه، وأنه لا شبهة فى أن الفقه الإسلامى هو المصدر التاريخى لنظرية التعسف فى إستعمال الحق بما يوجب الرجوع إلى هذا الفقه لبحث مدى مطابقة الإتفاقية لأحكام هذه الشريعة كما أن الفقه الإسلامى قسم المصالح إلى 3 أنواع “أولها يتعلق بمصلحة عامة في حق كافة الخلق، وثانيها يتعلق بالمصلحة الأغلب، وثالثها يتعلق بمصلحة خاصة” وتجرى المفاضلة بين هذه الأنواع الثلاثة وفقًا لترتيبها، ومن خلال ذلك استقر فى الفقه الإسلامى قواعد أصولية منها أن الضرر يزال وقاعدة الضرر الأشد يزال بالأخف، وقاعدة الضرر الخاص يتحمل لدفع ضرر عام، وقاعدة درء المفاسد تقوم على جلب المنافع، وقاعدة الضرر يدفع بقدر الإمكان، وقاعدة الضرر لا يزال بمثله، وبالتالى فأن أحكام الشريعة الإسلامية لاتجيز الإضراب إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، أو إذا كانت المصالح التى يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر، أو إذا كانت المصلحة التى يرمى إلى تحقيقها غير مشروعة، وهى لا تجيز الإضراب أيضًا إذا كان صادرًا من العاملين فى مرفق عام مادام سيؤدى إلى توقف العمل فى هذا المرفق ، وحرمان أفراد المجتمع من الخدمات التى يقدمها، ومن ثم فإنه لا مجال لإعمال هذه الاتفاقية متى خالفت أحكام الشريعة الإسلامية.

وجاء الحكم تأكيدا على أن إضراب الموظفين العموميين جريمة جنائية، وإن كانت الحكومة تعهدت بكفالة حق الإضراب فى حدود ما تجيزه أحكام الشريعة الإسلامية فإن السلطة التشريعية ملزمة بأن تنظم حق الإضراب بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية وباعتباره من الحقوق التى يجب ممارستها وفقا لضوابط معينة، ولا يجوز التعسف فى استعمالها، وبالتالى فإن إضراب الموظفين العموميين وإن كان يشكل جريمة جنائية فإنه يعد جريمة تأديبية أيضا لأن الموظف العام قد اختير لأداء مهمة معينة، ومن ثم يتعين عليه أن يسلك السبيل الذى تحدده القوانين، ويكون ملزم بأداء العمل المنوط به فى الوقف المخصص لذلك، وفى المكان المخصص له، وأن يطيع رؤسائه.

وقالت المحكمة إن طاعة الرؤساء تعتبر العمود الفقرى فى كل نظام إدارى، وإذا تسرب هذا الخلل فلن يجدى فى إصلاح الإدارة أى علاج.

وأشارت المحكمة فى حكمها إلى أنه إذا كانت أحكام الشريعة الإسلامية استنت قاعدة درء المفاسد تقدم على جلب المنافع، وقاعدة الضرر لا يزال بمثله، وإنه إذا كان الإضراب يؤدى إلى إلحاق الضرر بالمتعاملين مع الوحدة المحلية بقرية “قورص”، فإن الشريعة الإسلامية لا تبيح هذا المسلك ليس بما فيه من إضرار بالناس فحسب بل لأنه يعد تمردًا على السلطة الرئاسية رغم أن طاعة الرئيس واجبة، ومن حق المرؤوس أن يبلغ السلطات المختصة بالمخالفات التى تصل إلى علمه حتى ولو كان مرتكبها هو رئيسه لأن هذا الإبلاغ هو واجب عليه توخيا للمصلحة العامة، أما الاعتصام والمطالبة باستبعاد الرئيس فهو ليس الوسيلة التى حددها المشرع للإبلاغ عن المخالفات التى يرتكبها الرئيس، وإذ كان الاعتصام يشكل مخالفة إدارية فإن الاعتصام مع احتلال مقر العمل، أبشع أنواع الجرائم التأديبية، وقد حرم مجلس الدولة الفرنسى هذا المسلك فى حكمه الشهير الصادر فى 11 فبراير سنة1961 حيث قرر أنه ليس للمضربين حق احتلال الأماكن الإدارية، لتعارضه مع الغاية من الإضراب بوصفه شكلا من مظاهر التعبير عن الرأى وصورة من صور الاحتجاج على أوضاع معيبة والذى يجب أن يبعد عن صور التعسف فى استعماله.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان