ابنتى الحبيبة .. تباً لكى

بقلم :أحمد البحيرى __
أوتحسبيننى مجنوناً .. قد غطاه بيض الرئوس ..أم انكى تصدقين أن خضار الثلاث والعشرين ربيعاً قد أتى عليهم كهولة الأيام .. لاشك أنى بمجنون ..أنى فقط أصغيت إلى بلهاء مثلى تعج بهم طرقات وطنى .. وظنى أنى أنا العاقل وأنكى بالحمقاء .
ياعزيزتى …
جف ريقى وأنا استجديهم وأناديهم وأتلو الصلوات بين أيديهم أن يكرمو نزلى .. أن يمنحونى كرامتى .. أن يعتبرونى كمثل باقى من تحملهم أرض الرحمن .. أو حتى فى بطنها ..فعلى أية حال لى موضعُ لن ابرحه كنت أحرك أطرافى أو اسكنها متر التراب .
ينعتونى دائماً بالمواطن ..سعدت للحظات بلقبٍ منحونى اياه .. فأنا لم أعد أملك شيئاً سوى لقبى .
أوتظنى هذا بالشئ اليسير فى بلدى ..
أن تجلسى وتأمنى على نفسكى وذويكى من غربانٍ تطرق أبوابك ..لا لا ..انهم يكسرونها .. يحطمونها .. وفى تتمة الأمر ينال من كرامتك وينشر جزع النفس فى روحك .
ياعزيزتى ..
لم أكن لأسقيكى شراباً فاسداً غلب عليه طفح المجارى ..
لم أكن لاطعمكى مرضاً ..
لم أكن لألقيكى فى مستعمرة الصغار ومفرغة العقول .. قد زينوها بالقلم والكتاب والطبشور .. هم يسمونها مدرسةً ؛ لا هوداة فى الأمر .. أحفظى هذا وافعلى هذا ولا تطيعى شيطان خيالك أن تفكرى حتى فى الأمر .. يكفى أن تزينى ورقة اجابتك بما امتلاءت به خلايا دماغك من ترهات..
لم أكن لأقتل نفسك وكيانك .. لم أكن لأدعكى تسكنين مستعمرتهم .. لا أحب أن تقضى طفولتك وتأتينى فى النهاية وأنتى محطمة الآمال وساكنة القيود ؛ لن يدعوكى تفكرى ..
حتى فى جامعتك .. كونى كسابقيكى .. أو سينال منكى العقاب ..
هو سراب ..
وطنكى سراب.. كرامتكى سراب .. أحلامكى سراب .
لم أكن لأدعكى تعلنين حضورك البهيج ثم أتولى أنا فى موكب الغربان يقتادونى إلى سجون الظلام ..
أنا لم افعل شيئاً يا أبنتى .. لم أفعل شيئا ً
ولن تُسمع صرخاتى ..ولن تنقطع أهاتى .. لن يرحمو قلباً جفت أوردته وتهشمت أوتاده .. لا يقدر حتى أن يغرسها مجدداً فى طين وطن تشققت ثناياه .
هم سيهدرون كرامتى دون عينيكى .. ولن أقدر حينها أن الاقيكى النظرة بالنظرة .. أخشى حينها من بؤس اللقاء وكذب الوفاء .
نعم .. أنا كذّاب !
أنا من أخبرتك أنى سأكون قداراً على تأمين طفولتك بأرجوحة وردية وقلم وكراس .
لم تتلقي منها الا الهوان .. ومثلك كمثل الآخرين .. دخلتوها وخرجتو منها وأنتم صفر البيان .
أنا من أخبرتك أنكي ستنالين أمن اللقاء .. أنى سأكون قادراً قادراً على كفالة كرامتك .. ولكن هنا .. فى وطنى .. تهدر كرامتى .. فكرامتك ..
نعم انا مجنون أنى قد سمعت لترهاتهم ..
فقد سئمت من كونى لن أكون قادراً على الحفاظ عليكى دون أن تلقاكى رصاصة جاحدة أو تترسّم بين أيديكى قيوداً يسحبوننا بها جميعا ً .
عذراً ياحبيبتى .. لن أكون قادراً على انجابك .. فوردكى غالى الثمن .. ونبعى قد جفّ ماءه ..
لن أشم رائحتكى الفوّاحة .. ولن نتبادل بسماتنا سويا ً
لا جنونا ً ولا عتهاً ولا سكرا ً .. انما لضيق حال الروح أشتكى
والآن .. هلم لأقولها … ياعزيزتى .. تباً لكى .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان