ندوة بعنوان “ترميم ورقمنة معجم أحمد باشا كمال”بمكتبه الإسكندربة

ليلى خليل

نظمت مكتبة الإسكندرية من خلال مركز دراسات الخطوط بقطاع البحث الأكاديمي ندوة علمية بعنوان “مائة عام على رحيل أحمد باشا كمال” بمناسبة الانتهاء من ترميم ورقمنة معجم اللغة المصرية القديمة.

وقد تضمنت الجلسة الثانية للندوة عدة محاور وهي كالتالي؛ المحور الأول “ترميم ورقمنة معجم أحمد باشا كمال”، تحدث خلالها الدكتور حسام الديب؛ مدير معمل الكيمياء، والدكتور وائل محمد؛ معمل الترميم، والمهندس إسلام مصباح؛ نائب مدير إدارة المعمل الرقمي.
وقال الدكتور حسام الديب؛ إن القسم يهدف إلى الحفاظ على المواد الارشيفية لنقل التراث الثقافي إلى الأجيال المستقبلية وهي بحالة جيدة، موضحًا أن المعجم كان يتعرض لهجوم حشري

ولذلك تم استخدام أسلوب التعقيم، وتلى ذلك عدة مراحل وهي؛ المعالجة المكروبيولوجية، والتنظيف الميكانيكي، وإزالة اللواصق القديمة، والفحص والمعالجة الكيمائية للأغلفة.

وأوضح “الديب” إنه عقب الانتهاء من مرحلة المعالجة والترميم، تدخل الوثائق في مرحلة الحماية المستقبلية؛ باستخدام مواد طبيعية لحفظها من أي هجوم فطري مستقبلي،

ثم الحفظ الوقائي من خلال وضع الوثائق في ظروف مثلى لعدم تعرض المخطوط للتدهور وهي أهم مرحلة ودونها يضيع كل المجهود السابق سدي.

فيما قال وائل محمد؛ إن المعجم يضم ٢٢ مجلدًا، حصلت المكتبة على ١٨ منهم بإهداء من أسرة أحمد باشا كمال، بالإضافة إلى ٣ مجلدات من الباحث فرانسيس أمين، وتحدث عن تفاصيل عملية الترميم ومراحلها المختلفة،

التي بدأت بتحديد السمات والدلالات التاريخية للمجموعة، حيث تم استخدام التجليد الربعي الذي يجمع الورق مع النسيج، والورق الميكانيكي، وهو ورق مصدره وزارة المعارف المصرية، كما جاءت العلامات المائية توضح الشعارات التي كانت تستخدم في ذلك الوقت.

وأشار “محمد” إلى مظاهر التلف التي تعرض لها المعجم، والتي تضمنت؛ العفن الأحمر، والفقد، والهشاشة، وتشوه الأركان، ووجود بقع، والاهتراء، والإصابات الحشرية،

واهتراء النسيج، موضحًا أن الأحبار المستخدمة في الكتابة مختلفة ومنها ما هو قابل للذوبان في الماء وبعضها قابل للذوبان في الكحول.

وأضاف “محمد” إنه عقب دراسة كل هذه العوامل تبدأ عملية الترميم، والتي تتضمن الفحص والتوثيق بالتصوير وتسجيل استمارة البيانات لكل مجلد على حدة،

مشيرًا إلى الصعوبات التي واجهتهم خلال ترميم الموسوعة من وجود لواصق في الكعب، وهشاشة الورق، وتنوع الأحبار.

بينما أوضح المهندس إسلام مصباح؛ طبيعة عمل المعمل الرقمي، والذي يهدف إلى المحافظة على الأصول ونشر المحتوى الثقافي الموجود في المخطوط باستخدام أحدث الأجهزة على مستوى العالم،

مضيفًا إن المعمل عمل خلال ٢٠ عامًا على ٣٨٥ ألف كتاب، ومليون و٣٠٠ ألف جريدة.

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

وأشار “مصباح” إلى مراحل رقمنة الوثائق التي تبدأ بالمسح الضوئي، يليها مرحلة المعالجة والتجهيز، ثم مرحلة التمييز الضوئي للحروف، وأخيرًا مرحلة ضمان الجودة،

فيما عرض عدة نماذج لبعض الوثائق قبل وبعد الترميم التي توضح العمل الذي يقوم به المعمل.

وتحدث خلال المحور الثاني “متى يصبح علم المصريات مصريًا؟ (أحمد باشا كمال نموذجا) الدكتور لؤي محمود سعيد؛ المشرف على مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية.

أكد الدكتور لؤي محمود سعيد؛ إن أحمد باشا كمال كان حالة استثنائية في تاريخ العمل الوطني والثقافي في مصر وليس في العمل الأثري فقط، فهو شخصية مؤثرة ودراسة علم المصريات بالنسبة له دوافع واضحة، عكس السائد عند أغلب المصريين الدراسين لهذا العلم.

وأضاف “سعيد” إن علم المصريات بالنسبة للمصرين هو اقتفاء اثر العلماء الأجانب، وهذا ما رفضه أحمد باشا كمال بأن يكون نسخة من العلماء الأجانب مع الاعتراف بفضلهم في هذا العلم، حيث كان يسعى إلى تمصير علم المصريات، والذي لم ننجح فيه حتى الآن ولم تتحرر مصر من المدارس الأجنبية في هذا العلم.

وأشار “سعيد” إلى أن المصريين يدرسون تراثها وحضارتها لهدف أساسي ووحيد وهو تقديمها في معلومات للمرشدين والسياح الأجانب ولم يستخدمونه في الحفاظ على الهوية المصرية، حيث لا يزال دراسة علم المصريات هو علم غربي والمصريين ضيوف عليه حتى الآن.

وأكد “سعيد” إن أحمد باشا كمال كان يمتلك رؤية وطنية حيث كان يقوم بجهد شخصي لإبعاد المواقع الأثرية عن أعين اللصوص المصريين والأجانب من خلال ضمها لمصلحة الآثار، لحماية تاريخ مصر، خاصة أن القرن التاسع عشر شهد أكثر عمليات السرقة وكان كل القناصل الأجانب لصوص آثار.

وشدد “سعيد” إن تمصير علم المصريات لابد أن يكون جزء منه معتمدًا على الثقافة المصرية المعاصرة التي تعد امتداد للحضارة القديمة، وأن يكون لنا دوافع واضحة، وتأصيل للروابط التي تجمع بين الحضارة المصرية والثقافات المختلفة الموجودة بمحيطها.

وجاء المحور الثالث بعنوان “ايجيبتولوجي بالعربي: رواد المصريات الأوائل والجمهور العام”، تحدثت خلاله الدكتورة فاطمة كشك؛ باحثة بالمعهد الفرنسي للآثار الشرقية، والمركز البولندي لآثار البحر المتوسط.

تطرقت الدكتورة فاطمة كشك خلال كلمتها إلى دور علماء المصريات الأوائل في نشأة علم المصريات المصري، مشيرة إلى الفرصة العظيمة التي حصلت عليها في عام ٢٠١٣ للعمل على مخطوطات تخص سليم حسن وهو أحد أهم تلاميذ أحمد باشا كمال، مما اتاح لها التعرف بشكل أوسع على الأخير، مشددة أن قيمة هؤلاء الرواد فكرية خالدة.
وأضافت “كما أن رواد الفكر المصري الحديث مثل رفاعة الطهطاوي من أوائل ممن نادوا بزيادة الوعي بالحضارة القديمة، الذي اكتشفها عندما كان يدرس في فرنسا وشعر حينها بالخجل بسبب إهمال المصريين لها”، مؤكدة أن الصورة ليست قاتمة والباحثين المصريين لهم بصمة في علم المصريات.

وأوضحت “كشك” إن هناك وعي لدى المجتمعات المحلية تجاه حضارتها، وما يحتاجه الباحثين هو التواصل مع هذه المجتمعات، وهو ما لمسته من خلال عملها في مشروعات مختلفة وتعاملها مع الجمهور العام وذلك في عام ٢٠٠٧، مشددة على ضرورة فهم وعي الجمهور ومصادر المعرفة للشرائح المختلفة.

وأشارت “كشك” إلى مبادرة “إيجبتولوجي بالعربي” التي أطلقتها عام ٢٠١٩، التي تتضمن محاضرات عن تاريخ مصر، بدأت بحضور ٩ أشخاص، ومع مرور السنوات تشهد المحاضرات إقبال غير مسبوق، ويتم استضافتها في المعهد الفرنسي للآثار الشرقية.

واختتمت الجلسة بمحور حمل عنوان “معجم أحمد باشا كمال: ما وراء المشهد”، تحدث خلالها الدكتور باسم سمير الشرقاوي؛ أستاذ المصريات والقبليات بالمركز الثقافي الفرنسيسكاني للدراسات القبطية.

وسرد الدكتور باسم سمير الشرقاوي، تفاصيل المشروع الذي شارك فيه عن دراسة وفهرسة وتحقيق قاموس أحمد باشا كمال للغة المصرية القديمة، موضحًا أن القاموس يضم ٢١ جزء عن الأصوات المصرية القديمة، وهناك مجموعة أصوات مدمجة في بعض الأجزاء، فيما يفقد من القاموس الجزء الثالث عشر والثالث والعشرين.

وأوضح “الشرقاوي” إن القاموس هو مجرد مسودة ولم تكن النسخة النهائية، والدليل على ذلك أن مكتبة الإسكندرية تحصلت على مجلدين لصوت واحد، كما أن بعض المجلدات مفقودة فهناك خمس نسخ لخمس أصوات مختلفة غير متوفرة، حيث كان يبدأ في كتابة المسودة ويرسلها إلى المطبعة وتصدر بعد عام.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان