عدالة السماء وصدى ذلك الصوت المميت!

 

1479770_747523548610445_1742454523_n

بقلم / محمد حسنى عبدالباقى

يبكى ويصرخ قائلا: يا ابتى أبعد القصور والمُلك والجاه السجن فى حجرة ظلماء كهذه؟! فرد عليه ابيه: يا بنى انها دعوة مظلوم سارت الى الله بليل غفلنا عنها نحن ولم يغفل عنها الذى لا ينام، تلك الجملة قيلت عندما انتهت الدولة البرمكية وسجن خالد بن برمك مع ابنه فى حجرة واحدة بعد العزة والسلطان، يالها من عظة لمن يريد ان يتعظ، فهل اتعظ من كان عليه ان يتعظ؟! فى تلك الحجرة يقينا مازال صدى صوت تلك الحروف يهز كل ركن فيها، مازالت حوائط تلك الحجرة حتى وان كانت هُدمت تهتز وتقشعر كالابدان ،مازالت احجار هذه الغرفة حتى وان كان مكانها الآن تحت التراب ترتجف من الخوف من المجهول الذى حملته بين طياتها تلك الدموع التى سالت من عين هذا الابن، فهل وضع صدى هذا الصوت نصب عينيه من كان يجب عليه ان يضعه كذلك؟! كان يجب عليه الا يفارقه صدى ذلك الصوت المميت ،ولكنه من الواضح انه وضع يديه فوق اذنيه متجاهلا ذلك الصدى ظننا منه انه لن يلقاه فى الطريق ولكن ها هو الصدى يلتقيه فى ربع الطريق ليقوده الى مصير خالد بن برمك، وبعد ان قذفه صدى ذلك الصوت الى مصير ظن انه سيهرب منه فهل سيجلس مع نفسه ليراجعها ويبحث عن السر الإلهى الذى قاده الى ذلك كما فعل ابن برمك واعترف انها دعوة مظلوم؟ هل سيعترف ان سبب ما هو فيه قد يكون لأنه تآمر على استقلال وطن ؟ الا انه اراد فقط الهروب من الواقع ومحاولة العيش فى عالم افتراضى من نسج خياله، ووضع قدميه على الارض حاول ان يتماسك حتى لا تفضحه نظراته الزائغة، تآخر لحظات فى ترتيب ملابسه بسبب ارتباكه، ظن ان فى تلك اللحظات الشعب فى الخارج بالملايين وانه الآن سيثور وسيذهب ليحطم كل شئ لاحضار الرئيس الواهم بأنه الشرعى ليملأ به كرسى العرش الذى فقد بريقه منذ رحيل زعيمهم الهمام، الا ان الشعب لم يحضر كما وعدوا، وتوارى وراء القضبان ذلك الرجل الذى يمتلك قدرة على انكار الواقع لدرجة تصل الى حد وجوب الخضوع للعلاج النفسى، وكل خطوه من خطواته نحو القفص كانت كالحجر الذى وضع بجانب خارطة المستقبل ليسندها اكثر واكثر، جاء بملابس ذكرتنا بما كان يرتديه عندما فتح رداءه فى التحرير صارخا ” ليس هناك شرعية تعلو فوق شرعيتكم” ،وها نحن قد سمعنا بنصيحته، وملأنا له الميادين لكى نسقطه بعد ان صم اذنيه عن ذلك الصوت الذى آتى من الماضى البعيد، ووضع غمامة على عينية كى لا تذكره بالماضى القريب وذلك المشهد الذى ظهر فيه مبارك نائما ذليلا على سريره خلف القضبان .

يا صاحب الوعد الكاذب بتطبيق الشريعة، كان عليك منذ البداية وزن الامور بميزان القاضى عاقبة بن يزيد الذى دخل يوما على حاكمه وقال له: يا امير المؤمنين اقلنى من القضاء فرد عليه: وما للعدل غيرك يا عاقبة؟! فرد القاضى: لقد اختصم اليَ شخصان فى امر لم استطع التوفيق بينهما فيه، وكلما اجلته ليتصالحا استمرا على ما هما فيه ،ويوما ما بينما انا فى منزلى احضر لى الخادم طبق من الرُطب والناس تعلم انى احب الرُطب، فسألت الخادم من آتى بهذا؟ فوصف لى صاحب الطبق، فعلمت انه احد المتخاصمين، فقلت لخادمى رد له الطبق، ولما جلست اليوم لكى احكم بينهما لم يستويا فى نظرى رغم انى رددت الطبق ،فعلمت ان قلبى اضعف من ان اتحمل تلك المسئولية، فيا صاحب الاهل والعشيرة والوعد بتطبيق الشريعة عندما كنت حكما بين السلطات واختصمت إليك دماء جيكا واسلام طفل دمنهور البرئ صاحب الجذور الاخوانية فماذا فعلت ؟ هل استويا فى نظرك؟؟ ألم تزر زوجتك ام اسلام ولم تزر ام جيكا؟؟ فهل كانت دموع ام جيكا اقل وزنا من دموع ام اسلام؟؟ هل كان احتراق قلب الاولى لا يساوى فى نظرك احتراق قلب الثانية؟؟ وها هى عدالة السماء جاءت لتنتزع  منك المُلك بعد عام، هددتنا بامريكا فأين هى منك الآن؟؟؟ فاكبر رأس فيها اعترف بثورتنا بعد ان ايقن ان الضغوط لن تآتى بجديد، اطلقت علينا زبانيتك فى الشوارع فأين هم الآن؟؟؟ اختبئوا فى الجحور حالقين لحيتهم، عليك ان تعلم _وهذا ما اظنه_ان مبارك الذى فسد وظلم صبر الله عليه وانتزع منه المُلك بعد ثلاثين عاما ولكنه عز وجل انتزعه منك بعد عام فقط لانك تاجرت بدينه.

يا من تحكمون مصر الآن من الواضح ان مفهوم الثورة لم يخترق بعد جدار عقولكم السميك، احذروا جميعا صدى ذلك الصوت، لن ينجيكم منه اى تحصين، حصنوا قراراتكم كما شئتم بقوانين تحميها، افعلوا ما تريدون، ولكن لا مفر من نفس المصير اذا اخطئتم او كنتم اخطئتم فسوف تصل اليكم عدالة السماء اينما كنتم، واذكركم بالامس القريب فهناك رجل حاول ان يحصن قرارته ولم ينفعه تحصين .  

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان